توعية سياسية


 الحكومة – رئاسية - برلمانية
 كثر الحديث في مصر وليبيا هذه الأيام عن نوع الحكومة التي يفضل أن تؤسس فيهما , ورأيت عدة آراء , ولكن يغلب عليها نوع من التخبط . فواحد يقول مركزية والثاني فيدراليه والثالث برلمانية والرابع مدنية , وهكذا أصبحت صعبة الفهم , لأن الكلام يتم عن عدة أشياء وتؤخذ من منطوق واحد –
 وهنا أود إن اكتب سلسلة بسيطة توضح هذه الخيوط المتشابكة ,
 أولا :- نوعية الحكومة
 تنقسم الحكومات في العالم إلى عدة أنواع ولكن يمكن تلخص بنوعين رئيسيين – جمهوري وملكي ,
ولن نتكلم عن الملكي فليس مجال نقاش والتاريخ لا يعود إلى الوراء . فلنتكلم إذن عن الجمهوري فقط .
النظام الجمهوري أيضا ينقسم إلى قسمين رئيسيين :-
1) نظام رئاسي , 2) نظام برلماني -
ولا يوجد نظام آخر غير هذان بالطبع القذافي حاول استنساخ النظام الأثيني القديم وسماه الجماهيرية , ولكن هذا النظام قد يصلح في الدول المدينية – أي القائمة على مدينة واحدة مثل أثينا قديما وقد يصلح لدول مثل لكسمبورغ أو موناكو , وليس على دولة شاسعة الأطراف .

النظام الرئاسي :- يكون الرئيس المنتخب هو عصب الحكومة وهو المحرك الرئيسي لها , وهو صاحب القرار في الكثير من الأمور , ويكون رئيس الوزراء معينا من قبل رئيس الدولة ويحق له عزله أو تغيير احد وزرائه , وتختلف صلاحيات الرئيس من دولة إلى أخرى , فبعض الدول مثل مصر سابقا وبعض الدول الأخرى يكون الرئيس بمثابة إله , يملك كل شي ولا يحق لأحد محاسبته , ودول أخرى تعطي للرئيس صلاحيات محدودة مباشرة له هو أو من ينيب عنه , وصلاحيات يجب أن يوافق عليها البرلمان , فتكون القرارات يلزم موافقة الرئيس والبرلمان عليها , مثل الولايات المتحدة .

محاسن النظام الرئاسي , هي سرعة اتخاذ القرار , وسرعة تنفيذه ,
ومساوئه انه مدخل للتسلط إذا لم يكن هنالك دستور قوي محكم يحد من هذه الإمكانية,

النظام البرلماني :- وفي هذا النظام يتولى البرلمان تعيين رئيس الوزراء من خلال الاقتراع وعادة يكون رئيس أو احد أعضاء حزب الأغلبية , ويتولى رئيس الوزراء تسيير أمور البلاد ويكون الرئيس منصب فخري فقط وبعض الصلاحيات البروتوكولية , وأشهر الدول التي تتبع هذا النظام هي تركيا ودولة إسرائيل .
  
محاسن النظام البرلماني , انه يعطي للقرار الصفة الشعبية ويحد من إمكانية سيطرة فريق ما على السلطة ,
ومساوئه هو في بطئ عملية اتخاذا القرارات وصعوبة اتخاذ قرارات حاسمه لا تحظى بالقبول لدى غالبية الشعب مثل رفع الضرائب أو رفع الدعم أو رفع الأسعار وحتى وإن كانت ضرورة ,

بالطبع هذان النظامان ليسا جامدين في قوالب محدده , فدساتير البلاد المختلفة تحدد صلاحيات السلطة الحاكمة سواء رئاسية أو برلمانية , ولذلك تجد الكثير من الدول تعدل دساتيرها من وقت لآخر , لتغيير الصلاحيات إما بإضافة صلاحية أو بنزعها أو بتقييدها , مثل ما حصل في تركيا قبل أشهر ,
  
بالنسبة لمصر أظن إن النظام البرلماني هو الأفضل لوجود منظمات ومؤسسات مدنية , وهيكلية الدولة قائمة , والخوف من عودة أعوان مبارك وحلفاءه للحكم , فيستحسن قطع الطريق عليهم .

بالنسبة لليبيا أظن أن النظام الرئاسي هو الأفضل لفترة ولنقل 16 أو 20 سنه , حتى تستقر ألدوله وتبنى المؤسسات المدنية ونقابات العمال , لأن الخوف من عودة من يسمون بالمتسلقين على رأس الدولة غير واردة حقيقة , وبعدها يتحول إلى النظام البرلماني

الشرط الأساسي في الحفاظ على الديمقراطية هو في وجود دستور قوي واضح المعالم , وعدم تفويض سلطات كثيرة للحاكم , ورفض أي تعديل على الدستور من خلال البرلمان بل يجب إن يكون في استفتاء شعبي , ولا يكون على مجمل الدستور بل على كل باب منه على حدة , وخصوصا في العشرين سنة القادمة ,
الشرط الثاني هو وجود انتخابات شفافة ونزيهة تحت رقابة محلية ودولية , وتطبيق القوانين وبصرامة على أي خرق لنظام الانتخابات , مثل خروق شراء الأصوات أو شبهة المناداة بالتكتلات والجهوية والقبلية , فمن ينادي أو يشتبه وبصورة كبيرة انه ينادي أو يعمل من خلال هذه المخالفات يجب أن يمنع من الترشح

الشرط الثالث : وجود نظام قضائي حر ونزيه وشفاف يمكن أن يفصل بنزاهة وسرعه في المشاكل المطروحة .
أتمنى أن نرى الدول العربية جميعها حرة وان يتمتع الجميع بالكرامة , وان تكون حكوماتنا تعبيرا عن صوتنا , وان تكون مصالح امتنا مقدمة على أي مصالح أخري

------------------------------------


نظام حكم فيدرالي أو كونفيدرالي

يدور في الآونة الأخيرة كلام كثير عن نوعية الحكم المطلوب في دول الربيع العربي ( تونس ومصر وليبيا)  وتكلمت في السابق عن أنواع الحكم هل ملكيا أو جمهوريا , وناقشنا الجمهوريات البرلمانية والرئاسية .
اليوم سأتكلم عن أنواع  الحكم العام والمحلي, 
يخطئ الكثيرون حين يتكلمون عن نوع الحكم ويخلطون بين الفيدرالية و اللامركزية , واخشي ما أخشاه أن يكون الكلام عن الفيدرالية في هذه المرحلة ما هو إلا بدايات لمرحلة لاحقة وهي الكونفدرالية , ومن ثم التقسيم ,  ولكن لنفهم الفروق يجب أن نعرف كل منهما على حدة ,

أولا :- الكونفيدرالية  وتعريفها  الأساسي هو "" هو اتحاد بين دولتين أو أكثر من الدول ذات الاستقلال التام بعد عقد معاهدة تحدد الأهداف  المشتركة التي تعمل  الدولة الكونفيدرالية  الجديدة إلى تحقيقيها ويتمتع كل دولة عضو فيها بشخصيةٍ مستقلة عن الأخرى وتدير الدولة الجديدة هيئات مشتركة..تتكون من ممثلين عن  الدول الأعضاء لتحقيق الأهداف المشتركة وهذه الهيئة تسمى بعدة مسميات منها الجمعية العامة أو العمومية  أو المؤتمر العام أو البرلمان العام  وأعضاء  هذه الجمعيات يعبرون عن رأي الدول التي يمثلونها،وتصدر القرارات بالإجماع في أغلب الأحيان وقد تؤخذ بالأغلبية بعض الأحيان ، وتعتبر نافذة بعد موافقة الدول الأعضاء عليها " وحسب هذا التعريف يمكن أن ندرج الإتحاد الأوربي ككونفدرالية , كما يمكن اعتبار مجلس التعاون الخليجي مشروع جيد لبناء كونفدرالية .
وخصائص الدولة الكونفدرالية هي :-
1.    -كل دولة لها كيان حقوقي منفصل عن بقية الدول ويتحمل كل عضو منه مسئولية دولته أمام دول العالم الأخرى
2.    البقاء ضمن الاتحاد الكونفدرالي غير ملزم للدول الأعضاء إذ يحق لأي دولة عضو في الاتحاد الكونفدرالي الانسحاب في أي وقت تشاء إذ انه قرار الدولة وليست المجموعة ،
3.    مواطنو الدولة الكونفيدرالية يتمتعون بجنسية بلدهم الخاصة وليس هناك جنسية موحدة للدولة الكونفيدرالية،
4.    يحق لكل دولة عضو من أعضاء الاتحاد الكونفدرالي أتباع سياسة خارجية  منفصلة عن بقية الدول الأعضاء ولكل دولة  تمثيل دبلوماسي خاص بكل دولة.
5.    لكل دولة جيشها الخاص بها ولذلك فان  كل دولة لها حق إعلان الحرب
6.    الحرب التي تحدث بين أعضاء الدولة الكونفيدرالية حرب دولية وليست حرب أهلية أو داخلية
7.    تدير لجان وهيئات مشتركة  شؤون  الدولة الكونفيدرالية
8.    في الاتحاد الكونفدرالي يتعدد رؤساء الدول بتعدد الدول، حيث لكل دولة رئيسها،
إذن هي دول مختلفة اجتمعت لتحقق أهداف مشتركة .
ولا يوجد الآن دول كونفدرالية حقيقة وإن كان هناك كونفدرالية بالاسم مثل سويسرا , فاسمها الرسمي كونفدرالية سويسرا , ولكنها فيدرالية ,

الفيدرالية :- تعريفها " هي دولة واحدة ،تتضمن كيانات  متعددة ، لكل منها نظامها القانوني الخاص و استقلالها الذاتي،وتخضع في مجموعها للدستور الفدرالي،باعتباره المنشئ للدولة الفيدرالية والمنظم لبنائها القانوني والسياسي،وهي بذلك عبارة عن نظام دستوري و سياسي مركب "
وهو المنشر حاليا ولها عدة أمثلة مثل الأمارات العربية المتحدة وروسيا والولايات المتحدة وألمانيا ,
فيكون هناك دولة كبيرة بداخلها عدة دول أو كيانات يحكمها دستور فيدرالي .

خصائص الدولة الفيدرالية :-
1.    الكيانات داخل الدولة الفدرالية  تعتبر جزء لا يتجزأ من الدولة ولا يحق لها الانفصال
2.    الحكومة المركزية هي التي تدير الدولة وتترأس أعضائها.
3.    مواطنو الدولة الفيدرالية يتمتعون بجنسية الدولة الاتحادية الفيدرالية
4.    الدولة الفدرالية لها رئيس الدولة وسيادة موحدة
5.    لا يحق للكيانات الداخلية عمل هيئات أو سفارات أو ممثليات خارجية  , ويكون التمثيل الدبلوماسي والسياسة الخارجية من اختصاص الحكومة المركزية أو الفيدرالية.
6.    للدولة جيش واحد تحت قيادة السلطة المركزية . ولا يحق للمقاطعات عمل جيش خاص بها ولذلك فأن حق إعلان الحرب من صلاحيات الحكومة المركزية أو الفيدرالية.
7.    الحرب التي قد تحدث بين أعضاء الدولة الفيدرالية فهي حرب داخلية أو أهليه
8.    كل كيان له إدارة داخلية خاصة به  سواء بالتعليم أو الأمن أو المواصلات أو الجمارك أو الضرائب , كما أن لها حاكمها المنتخب وبرلمانها المنتخب , وتعتبر دولة بغير جيش أو سفارات
9.    تعمل الحكومة المركزية في المشاريع العابرة لحدود الإقليم كالطرق والجسور وسكك الحديد ,

وهناك نظام الدولة الواحدة والأقاليم , فليست فيدرالية أو كونفيدرالية . وقد ويخطئ الكثير في اعتبار أن الفيدرالية هي الحكم اللامركزي , فنظام الإدارة المركزي واللامركزية يختلف عن الكونفيدرالية والفيدرالية اختلافا كبيرا , وقد يكون النظام الفيدرالي مرحلة من مراحل التقسيم .
بالنسبة للحالة الليبية والمصرية والتونسية, فاني أرى إن ان نظام الإدارة اللامركزية الموسعة هو أصلح نظام ,  



المركزية واللامركزية


يخطئ الكثير ممن يدخلون النظام المركزي و اللامركزي  في أنظمة الحكم , فهو ليس ضمنها , وهذا الخطأ شائع جدا وحتى في أوساط المثقفين , فهذان النظامان هما من أنظمة الإدارة , إذ يمكن تطبيقه على جميع نواحي الحياة من المنزل إلى الدولة , فهو نظام إدارة وليس نظام حكم .


الإدارة تتضمن ثلاث خطوات رئيسية وهي التخطيط والتنفيذ والإدارة , وحولهما يدور الفارق بين المركزية واللامركزية


الإدارة المركزية : وهذا النظام له جوانب جيدة وجوانب سيئة , وهو مدخل أساسي للدكتاتورية .  والتسلط , حيث يتولى المركز التخطيط والتنفيذ والإدارة , فكل الخيوط تكون متجهة إلى المركز , أو بعضها  . وفي الحالات السيئة مثل نظام القذافي تكون الثلاث عناصر الأساسية هي في المركز , فالمركز يخطط لجميع المشاريع , والمركز هو الذي ينفذ جميع المشاريع , والمركز هو الذي يقوم بإدارة البلد .


الإدارة اللامركزية تختلف من بلد إلى بلد , ففي بعض الدول يكون التخطيط في المركز ويكون التنفيذ والإدارة في الأقاليم , وبعضها يكون التخطيط والتنفيذ والإدارة في الأقاليم , ولكن في هذه الحالة نصطدم بعقبة التمويل , فلا بد للمركز من مراعاة الميزانية العامة للدولة وتوزيعها حسب احتياجات كل منطقة , 
وحتى نخرج من هذه المشكلة , تقوم بعض الدول بطرح المشاريع على البرلمان الخاص بالدولة وهو الذي يوافق عليها , وعند الموافقة يلتزم البرلمان بتمويل المشروع , 
ودول أخرى تقوم بعمل لجنان متخصصة للتخطيط  يكون مقرها في المركز وأعضائها من جميع الأقاليم , وتقوم بالتخطيط للمشاريع المطلوبة وإرسال قراراتها لوزارة المالية لاعتمادها ضمن الميزانية العامة للدولة . في السنة القادمة أو تخصيص مبالغ لها بصورة استثنائية إذا كان المشروع مستعجلا , 
مثال على ذلك . منطقة ما تحتاج إلى مستشفى بحجم معين ومواصفات معية , ونفس النوع من المستشفيات تحتاجه مناطق أخرى , فيتم الاتفاق داخل اللجنة أن يعمل في البداية مستشفي يخدم المنطقتين وفي السنة التالية يعمل مستشفى يخدم الأخرى , 


أهم ما في النظام اللامركزي هو لا مركزية إدارة المنطقة , وهذا له علاقة بجموع الشعب .فجميع احتياجات المواطن يجب أن تكون بالقرب منه , كاستخراج قيود معينة او توقيعها او عمل معاملة معينة , مثل هذه تكون بالقرب من المواطن حسب حاجته لها , فالمعاملات التي يحتاج لها المواطن كثيرا يجب أن تتوفر له في قريته , والمعاملات التي يحتاج لها قله من المواطنين تكون في مركز الإقليم , ولا يحتاج المواطن للعاصمة في أي معاملة له , هذا ما يحس به المواطن مباشرة , 


بالنسبة لمصر وليبيا فان النظام اللامركزي هو الأمثل , ولكن لأن الميزانية العامة للدولة بيد الحكومة , هنا يجب مراعاة جانب التخطيط  في المشاريع الكبرى , 
اللامركزية  نظام مريح جدا للمواطن العادي ولكنه صعب جدا للمسئولين , فهم يتحملون مسئوليات جسام , من تخطيط وتنفيذ وإدارة .


الاقتراح الأمثل أن تكون هناك مركزية التخطيط بمشاركة جميع الأقاليم ولامركزية في التنفيذ والإدارة .


النقطة الأهم والتي يجب أن يراعيها الجميع هو أن يكون مسئولي الأقاليم منتخبون انتخابا مباشرا من أبناء الإقليم , فإذا كانت محافظات مثلا , فيجب أن ينتخب المحافظ من أبناء المحافظة , كما يجب أن يكون هناك مجلس محلي لكل إقليم , وهذا المجلس منتخب  , وهو الذي يقوم بالإشراف على أداء المحافظ وتنفيذ المشاريع ومستوى الخدمات , ويقوم أيضا بالتخطيط للمشاريع التي تحتاجها المحافظة ,


فلا  يجوز أن يعين المركز مسئولي الإقليم ثم ندّعي اللامركزية , وهذا ما كان يحدث في مصر , السلطة المركزية تعين المحافظ , فيصبح تابعا لها وليس مستقلا , أما إذا تم انتخابه فسيكون تابعا لجمهوره في الإقليم وليس للمركز , 
ويغلب على الظن أن هذا هو الأسلوب الذي سيتم إقراره في مصر وليبيا وتونس , وهو لا مركزية التنفيذ والإدارة , والتشاور في مرحلة التخطيط , 


وبانتظار تعليقاتكم وأسئلتكم
صالح بن عبدالله السليمان