الجمعة، 16 مارس 2012

الحرية والكرامة والثورات العربية


 خلال دراستنا للتاريخ  وخصوصا تاريخ  الثورات نجد أن هناك عوامل مشتركة  بين جميع الثورات التي وقعت في العالم , فأسباب قيام الثورات على مر التاريخ كما درسنا :-
1- انتشار الفقر والجوع في المجتمع ’ كما كان يحدث في أوربا  من إرهاق المواطن الفقير بالضرائب
2- شيوع الاستبداد و الظلم والفساد في السلطة , بحيث أصبح هناك فئة معينة أو شخصيات معينة أعلى وأكبر من القانون , فلا يجوز محاسبتها أو حتى مراقبتها .  من أقرباء الحاكم أو المقربين له او حاشيته وبطانته .

 كان هذان العاملان يشكلان الحجر الأساس في قيام الثورات , و كانا العامل الرئيسي في الثورة الفرنسية ,والثورة الماوية في الصين والثورة البلشفية في روسيا .

ولكن نجد احد هذان العاملان شبه مفقود في واحدة من اكبر الثورات العربية , وهي الثورة الليبية . إذ كان مستوى المعيشة العام في ليبيا أعلى بكثير من جميع الدول المحيطة بها أو القريبة منها .

فمستوى المعيشة في ليبيا أعلى بكثير من تونس أو مصر و الجزائر و تشاد والسودان , بل ونجد الكثير من مواطني هذه الدول يعمل في ليبيا .

إذن ما درسنا سابقا عن قيام الثورات لا يجوز أو لا يصح تطبيقه على جميع الثورات العربية التي قامت خلال القرن الحادي والعشرون . وهنا نحتاج إلى دراسة واعية معمقة في الثورات العربية لكي نعلم أسبابها .

أهم عاملان يجب إضافتهما في دراسة أسباب الثورات العربية هما "الحرية والكرامة " ,

فالمواطن العربي يتلقى يوميا من خلال وسائل الإعلام المفتوح , سواء الإعلام الإلكتروني أو الإعلام المرئي أو المكتوب  جرعات مكثفة من الإحساس بالحرية  والكرامة , مما يولد عنده أحساس آخر بالجوع والفقر  , ليس جوع البطن أو فقر الجيب , ولكنه جوع من نوع آخر .

انه جوع للحرية وشوق لها . جوع لأن يقول ما شاء , وقتما يشاء , لا رقيب عليه سوى دينه ومجتمعة , وليست رقابة الحاكم أو رقابة وزارة الإعلام ,

وهو جوع للكرامة , فروحه تتوق للكرامة التي قال الله عنها , "وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ " . يحب أن يرى انه متساوي مع الآخرين , لا أحد أفضل منه لأنه ابن لفلان أو قريب لفلان أو ابن العائلة الفلانيه , لا يجد غيره يكرم ويرفع لأنه ولد ابنا لعائلة معينة , يحب أن يرى تحقيقا للمشهور من القول " النَّاسُ كَأَسْنَانِ الْمُشْطِ " "

هذان العاملان " الحرية والكرامة " والجوع الذي يحسه المواطن العربي لهما  هما الدافع للثورة على الحكام العرب , من بن علي تونس إلى بشار سوريا , مرورا  بحسنى مبارك ومعمر القذافي و علي عبدالله صالح .

وهنالك مظاهر كثيرة تؤكد أن هذان  العاملان رئيسيان في الثورات العربية , وستكونان العاملان الرئيسيان في جميع الثورات القادمة ,
أولى هذه المظاهر  أن الطبقة المتوسطة المتعلمة هي من قام بالثورة وليست الطبقات الفقيرة . بل وأقول أن الطبقات الفقيرة كانت تقف على الحياد أو بجانب الحكام في اكثر الأحيان .
ثانيها , هو أن الشرارة الحقيقة للثورة في تونس هي الصفعة التي تلقاها البوعزيزي , ونعرف معنى الصفعة  في الموروث الثقافي , فهي إهانة للكرامة , أما في مصر فنجد أن نجاح الثورة ارتبط بموقعة الجمل الشهيرة , واعتبرت إهانة للشعب المصري باستخدام الجمال والخيول والحمير للهجوم على المعتصمين في ميدان التحرير , بعد أن انسحب معظم المتظاهرين من الميدان عقب خطاب مبارك العاطفي .
ثالثها , هو ما نراه في تونس ومصر وخصوصا في ليبيا من سخط عام وافتراق في الرؤى ,  قد يسيء الكثير فهمه  حين ينظر إليه ,  فيراه انه تفرق وتشتت , ولكني أراه تطبيق لمبدأ الحرية والكرامة , فالشعب  الجائع لهما قفز إلى المائدة , يأكل منها دون أن يراعي الآداب المعهودة , ومن حقه ذلك , فهو جائع , ويجب أن يعطى مهلة ليطفئ جوعه ويسكت نهمه للحرية والكرامة . وأتمنى أن لا تطول فترة الإشباع .

وها أنا أدق الجرس مرة أخرى , لبقية الحكام العرب , وأقول لهم ما كان أبي "غفر الله له " يعلمني , أن من لم يتعظ بغيره أصبح عظة لغيره . فالشعب العربي جائع للحرية , جائع للكرامة , وليس جائع للخبز. فهل من متعظ ؟

كم رددنا مع أم كلثوم وهي تقول "أعطني حريتي أطلق يدي " . لقد أصبح لها معنى آخر , فهي ليست من عاشق لمعشوقة , بل من محكوم لحاكمه .

وعلى دروب الحرية والكرامة نلتقي
صالح بن عبدالله السليمان



هناك 4 تعليقات:

  1. لقد شاركنا في الثورة من اجل بناء دولة القانون والنظام والرفع من المستوى المعيشي لكل الليبيين

    ردحذف
  2. عندما سقط نظام صدام الديكتاتوري شاهدت الوجه الحقيقي للشعب العراقي نهب وتفجير وقتل طائفي وتعدي على البنى التحتية كل ذلك نتاج غياب الحريات وتغييبها أن تعرف كيف يفكر المختلف معك وتسمع منه افضل من مفاجئات غير متوقعة من كان يصدق مثلاً أن ينقلب شلقم على القذافي لولا غياب الحريات 0 وعوداً موفقاً إن شاء الله

    ردحذف
    الردود
    1. اعتقد ان ليبيا هي الدولة الوحيدة في العالم التي لا تسطيع ان توفر ما تحتاجه حتى وان امتلكت المال.لا يوجد امان في ليبيا تحت نظريات الكتاب الاسود "البيت لساكنة والارض ليست ملكا لاحد" . الليبيي الذي يمتلك عمله الخاص لا يمكنه بسهولة فتح ملف في الضمان الاجتماعي وبعد ان يتم فتح الملف بصعوبة لا يمكنه ان يدفع وفق الشريحة التي يختارها وانما يجب عليه الدفع وفق اقل شريحة لعدة سنوات والتي راتبها لا يغني ولايشبع من وجوع اسرته في حالة وفاته , المستقبل عندنا مجهول حتى الليبيين العاملين في الحكومة مهددين في لحظة بالطرد من اعمالهم ففي السنوات القليلة الماضية ظهر عندنا مصطلحان "داخل الملاك وخارج الملاك الوظيفي" . لقد تم استبعاد العديد من الموظفين من اعمالهم وتم دفع المرتبات لهم ولكن كان يقال ان الدفع سيتم لمدة 3 سنوات فقط . اما من اختيروا ليبقوا في اعمالهم فلقد كانوا في انتظار تمليك المؤسسات " المدارس و الجامعات " وهذا التمليك اثبت فشله عندما تم تمليك المصانع .
      لقد ذكرت الجملة التالية"يحب أن يرى انه متساوي مع الآخرين , لا أحد أفضل منه" وربما ان يرى الاخرين متساويين معه وهو ليس افضل منهم. ليس من السهل ان تسمع تنهيدات زملائك حتى الرجال منهم عندما فقدوا وظائفهم في الحكومة بعد عملوا عدة سنوات قدموا فيها الكثير.
      بالرغم من وجود الاطباء ذوي الكفاءة والخبرة الا اننا نعاني من تهالك المستشفيات و بعض الادوية يجب ان يوفرها اهل المريض المتواجد في المستشفي الحكومي.قد تمولك المال للعلاج في الخارج ولكن احيانا الوقت يكون غير مناسب للسفر.نتمنى الرقي بليبيا في كل المجالات

      حذف
    2. الي نور :اذا قابلت ايرانيين سوف تعرف رايهم في العرب وستشعر بكرهم لنا وحلمهم في استرجاع مملكة الفرس . مايحدث في العراق تغذيه ايران

      حذف

; أتمنى لكم قراءة ممتعة مفيده
أرحب بكل أرآكم ومقترحاتكم يرجى ذكر الاسم أو الكنية للإجابة - ونأسف لحذف أي تعليق
لا علاقة له بموضوع المقال
لا يلتزم بالأخلاق ااو الذوق العام