السبت، 11 فبراير 2012

انفصام بين الواقع والواقع


 لا أحب البكاء على اللبن المسكوب , ويقولون أن الضرب بالميت حرام , هذا بشأن ما حدث من احد الشباب السعودي من تطاول على الذات الإلهية وعلى سيد الخلق فداه نفسي وأبي وأمي , وقد  كتبت على صفحتي فيسبوك :-
"غريب أمر "بعض " مثقفينا , يظنون الحرية في التطاول على ثوابت الدين . هل نلومهم فقط , أم نلوم أيضا من حرمهم الحرية فلم يتعلموا كيف يتعاملون معها ؟  أليس كلاهما خاطئ ؟  ولكن التطاول على الثوابت خطأ قاتل , نعوذ بالله منه . "

 فعلق احد القراء مشكورا , وذكر نقطة جديرة بالوقوف عندها والتفكر فيها , فهي والله نقطة هامة وتحمل الحل الحقيقي بأذن الله تعالى , يسأل القارئ الكريم :-
"ممكن أسأل عن ما هي البيئة الحاضنة لهذه الزندقات في مجتمع محافظ كالسعودية ؟؟"

من الممكن أن أجيب عليه كما يحب البعض بنفي وجود هذه الأفكار , أو معتنقيها , ويمكن أن أكون من جماعة النفي والتنديد والاستنكار .
ولكن وجود ولو شخصا واحدا يجعل من حجتي ضعيفة , فما بالك بهذا الواحد وهو كاتب في احد اكثر الصحف  انتشارا .

أولا , وبكل صراحة وبصوت عال , نقول لا , ثم لا , ثم لا , لأي تطاول على ثوابت ديننا الحنيف من أي شخص , نرفضه وندينه , ونتعبد الله بتوحيد إلوهيته وربوبيته وبحب نبيه صلى الله عليه وسلم ونقول " أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله ".

ثم لنبحث لماذا ؟

شبابنا يعاني , يعاني بسبب نوع من الانفصام الغريب والجديد على المجتمعات الإنسانية,  هو انفصام بين الواقع والواقع , لا تستغربوا حين أقول انفصام  بين "الواقع والواقع ". فهذه هي الحقيقة .

تخرج علينا قناة بصور نساء شبه عارية , ومقابلات مع نسوة  نسأل الله أن يعفو عنهن ويهديهن , وتكون مخرجة بأجمل حلة وأبهى صورة , ثم بعدها يخرج علينا احد الدعاة يطالب بغض البصر , وحرمة النظر للمرآة , على نفس القناة . فلا يعلم الشاب من يصدق وماذا يصدق ؟

تخرج علينا قناة  بصور الدماء تسيل من إخواننا في ليبيا وسوريا , ووجوب أن نقف معهم ونناصرهم , واجبا شرعيا , وتذكر الأحاديث والآيات التي توجب ذلك , وتثير حماس الشاب , وتفاعله مع أمته , ثم لا يجد وسيلة  للوقوف مع إخوانه , لا اجتماعات شبابية ولا فعاليات مدنية , ولا حملات تبرع , فلا يعلم الشاب  هل هذا الواقع هو السليم أم الآخر هو الصحيح ؟

تخرج علينا فتاوى تحرم أشياء , وتنهى عن أشياء , تخرج هذه الفتاوى وهي تحمل صفة رسمية او شبه رسمية  , ونجد الأشياء المنهي عنها تنشر على قنوات تلفزيونية وصحف وجرائد رسمية أو شبه رسمية , فلا يعلمون من يصدقون ؟

شبابنا مطالب بصورة دائمة بالمشاركة في بناء الوطن وتنميته , تغرد بهذا كل القنوات ووسائل الإعلام وخطباء الجمع . فيبحث الشباب عن وسيلة لتحقيق هذا المطلب الشرعي , فلا يجد , كل الطرق مقفلة أمامه . ولا يعلم هل الشرع مع المشاركة في البناء أو مع إقفال وسائل المشاركة ؟

يخرج علينا الدعاة "جزآهم الله خيرا"  بمطالب شرعية , وينكرون عدم تحقيقها , ثم يسمع أن هذا الداعية سرق كتابا من هذا وكتابا من ذاك ,  أو أن ذاك الداعية كنز الأموال الطائلة عن طريق الدعوة , فلا يعلم هل الدعوة إلى الله وسيلة للتجارة مع الله كما يذكرون , أم هي تجارة مع البنوك ؟

يقارن الشباب بين سيد دعاة عصرنا الدكتور عبد الرحمن السميط , واحد كأمة , وبين دعاة تمتلئ بهم القنوات والصحف , يلبسون البشوت ( العباءة العربية )  فلا يعلم أيهم يستحق أن يلقب داعية مسلم ؟

شبابنا يرى أن المؤسسة الدينية تعيش بمعزل عن العصر , تجتهد في تحريم هذا وذاك , بينما ما تحرمه اليوم , تحله في الغد , من تلفاز وانترنت وفضائيات وغيرها , فلا يعلم هل قولهم السابق كان حقا , أم ما يفعلونه اليوم هو الحق ؟

لا أطيل عليكم , فالوقائع كثيرة , وذكرت أمثلة فقط , والله  لو أردت لحبرت أوراق و أوراق مما يعانيه شبابنا من انفصام بين الواقع والواقع , ولاحتجت إلى الكثير والكثير منها .

نحتاج إلى وقفة جادة من مسئولينا , ومن مشايخنا , أن يعيشوا الواقع كما هو , كما يراه الكل , وأن لا يحاولوا خلق واقعا خياليا . فنحن نعيش يومنا بكل ما يحيط بنا .
والله لست ليبراليا ولا علمانيا , ولكن يحزنني ما أرى , ويحزنني اكثر أن لا أرى حلا في الأفق لما نعانيه .
وعلى دروب الحرية والكرامة نلتقي
صالح بن عبدالله السليمان
عنوان مختصر للمشاركه http://goo.gl/t2Dms4




هناك تعليق واحد:

  1. اعتقد ان التشدد في الدين سبب ما يحدث للشباب في السعودية واكتسابهم لسلوكيات من الاجانب المقيمين في المملكة تجعلهم في صراع بين عدة ثقافات في مجتمعهم. في بعض الدول الاسلامية الابتعاد عن الدين هو سبب مشاكل الشباب وكذلك الفراغ له دور كبير .
    هل يجب ان نبحث على شماعة لكي نعلق عليها اسباب اخطائنا ؟؟هل سيغفر الله لنا اخطائنا لوجود تلك الشماعة ؟؟
    قدوتنا الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم لا الشيخ فلان ولا الداعية فلان ."الكل يحلف إنه إنسان صادق والصدق يحلف مالقى صدق إنسان."
    ختاماالحلال بين والحرام بين.

    ردحذف

; أتمنى لكم قراءة ممتعة مفيده
أرحب بكل أرآكم ومقترحاتكم يرجى ذكر الاسم أو الكنية للإجابة - ونأسف لحذف أي تعليق
لا علاقة له بموضوع المقال
لا يلتزم بالأخلاق ااو الذوق العام