الأربعاء، 1 يونيو 2011

شعارات سادت ثم بادت .


شعارات سادت ثم بادت .

لطالما تغنى حكام العرب بالقومية والنضال من اجل تحرير فلسطين منذ أن اعتلوا سدة الحكم . و أسقط من كان قبله من الحكام  من اجل قتال العدو الإسرائيلي , والمحافظة على القومية العربية وتخليص شعوبهم من الظلم والاستبداد والقهر , لقد رددت على مسامعنا تلك الخطب المجلجلة  , وكيف سيحاربون العدو الإسرائيلي ... وإنهم يقفون بالمرصاد لقوى التخلف والرجعية .

صبرت الشعوب طويلا, تنتظر أن يتحقق شي من هذه الشعارات. رضيت الشعوب بالظلم والفقر والذلة وتكميم الأفواه من اجل شعارات. شعارات تتردد على مسامعنا ,  وتغذّى بها أروحنا  قبل عقلونا .
شعارات تنادي  "كل شيء من اجل المعركة "
وبعد عقود من الجهل وغياب الوعي الجماهيري وتنكيل وتشريد لكل النخب المخالفة لرأي الحاكم . ولا صوت يعلو فوق صوت المعركة .
ظهر لاعب جديد على مسرح الأحداث,  ظهر " العالم الافتراضي ". ذلك البحر الزاخر من العلوم والأفكار بكل أطيافها. والمجال الرحب للتواصل بدون رقابة عيون الدولة ,وبدون أن نشير لبعض "أسكت.. للحيطان أذان "

الحمد لله , إن أصحاب تلك الآذان ومن يعملون له . لم يروا لهذه اللعبة إلا أنها  تشبه " البلي ستيشن Play Station- "  وإن زادت فلن تزيد عن وسيلة ليتعرف بها شاب على فتاة وللدخول إلى "التشات – Chat"

كانت الحكومات بجميع أشخاصها وشخوصها من حاكمها إلى أعوانه وعيونه يعرفون عالمين فقط. عالم الواقع وهو ما يحاربون من اجله . وعالم الخيال وهذا ما لا يخافون منه فهو مثل خيال الظل لا يضر ولا يخاف منه أحد .

وغاب عنهم أنهم أمام عالم جديد لا هو "العالم الواقعي" , ولا هو "عالم الخيال" . عالم جديد يتخطى عالمهم الواقعي ويعلو كثيرا عن عالمهم الخيالي . "العالم الافتراضي" يربط عالم الواقع بأطرافه . فيتخطى المسافات ولا يعرف فرق الوقت ولا يعترف بفوارق الجنس ولا الأصل ولا اللون وقد يتخطى فوارق اللغات. ولا يعترف بالرقابة .
أول مسئول في العالم انتبه لهذا العالم وتأثيره الكبير على عالم الواقع هو الرئيس الأمريكي باراك حسين اوباما – أول رئيس تجري في عروقه دماء افريقية مسلمة ’ عرف أهميته لأنه شاب يفهم جيله . أما زعمائنا فأصغر وزير فيهم فلقد تجاوز السبعين . وتشير الإحصاءات إن معدل أعمار المسئولين في العالم العربي هو 70 سنة . فكيف لأبن السبعين ’ مع احترامي وتقديري لهم ’ أن يفهم أدوات العصر ؟

شبابنا دخل هذا العالم الافتراضي سنين عديدة. يرى في عالمه الافتراضي الحرية.
حرية الرأي وحرية الكلمة وحرية التعبير , لا رقيب يضّيق عليه, ولا حدود توقفه إلا حدود فكرة وقناعاته وإيمانه . ولم يجبر على أن  يسمع في هذا العالم شعارات أو أيدلوجيات. بل يرى أفكار تطرح, قد تناقش وقد تهمل ’ ولكن له الحق دائما في طرح آراءه, فلا يجد نفسه في سجن ولا يتعرض لتعذيب ولا يتلقى صفعات.
وفي نفس الوقت , يرى في عالمه الحقيقي مختلف أنواع الظلم و الإهانة وفقدان الكرامة , رأى إن من يتجرأ على فتح فمه "إلا عند طبيب الأسنان" يذهب إلى ما وراء الشمس .
 و يسمع من التلفزيون الرسمي و الصحف الرسمية وعلى جدران الشوارع الكثير من الشعارات الرنانة . تمجد القائد الفذ والزعيم الأب .
عبر هذا العالم الإفتراضى عرف أن هناك عوالم أخرى يتمتع فيها الإنسان بحريته وكرامته . ويحافظ في نفس الوقت على مصالح وطنه وشعبة. عالم لم يكن مجبر على الاختيار بين كرامته الشخصية وكرامة وطنه.
عرفت الشعوب إن كرامة الفرد من كرامة الأمة . وحرية الفرد من حرية الأمة . متى ما انتهكت كرامة الفرد أو حريته فلقد انتهكت كرامة الأمة وحريتها.
أيقنت الشعوب وعرفت أن الشعارات الرنانة ما هي إلا طبل أجوف وان "كل شيء للحاكم وحاشيته " و لا شيء للمعركة .
لأن المعركة أساسا , ليست على جدول أعمال القائد الفذ . وليست على جدول أعمال القمم المتوالية للرؤساء والزعماء العرب. و إذ بجامعة الدول العربية, ما هي إلا نادي خاص للمتسلطين العرب. وإن كل اجتماعات الوزراء فاشلة ’ ما عدا اجتماعات وزراء الداخلية واجتماعات اللجان الأمنية. فلا تنمية ولا اقتصاد ولا صحة ولا صناعة ولا تعليم ولا رياضة ...
 ثارت  الشعوب .. فاتضحت الصورة.
ثارت الشعوب تطالب بحقها من خيرات بلدها وحقها في أن تعيش بكرامة ورفعت شعارا حقيقيا هذه المرة "عيش – حرية – كرامة ". فتصايح الحكام
"إن امن إسرائيل مرهون ببقائنا على سدة الحكم"  
وسوف تتعرض إسرائيل للخطر إذا ما فكر الغرب أو الشرق أن يقف إلى جانب الشعوب المظلومة ...
وهكذا تبخرت الشعارات .. وانتهت المعركة قبل أن تبدأ ... أصبح همهم أمن إسرائيل .
لقد قالوها علنا .. إن بقائهم أمان لإسرائيل وكأن خوفهم على إسرائيل من أن تتعرض للخطر اكبر من خوفهم على شعوبهم. ولدي تسجيلات صوتية تثبت ذلك .
لقد كنا في ألسابق نعتقد بان أمريكا هي من يدافع ويخاف على امن إسرائيل وهذا ما كنا نسمعه في خطبهم ..
ولكن يا للعجب . دولة الممانعة (الأسد) تقول بان امن إسرائيل معرض للخطر إن هي تعرضت للخطر ؟!
فارس العرب (شاويش) الذي طالب بقطعة ارض لتحرير فلسطين يعتذر للأمريكيين ولإسرائيل ويقول افعلوا(اقتلوا) ما تريدون وإنا سوف أتبنى أفعالكم ؟!!
والقائد الثوري(القذافي) الذي بلا منصب والذي يعلن في كل صباح ومساء إنه  في صف الشعوب ’هذا ما كان يقوله,  ظهر يقول للإعلام العالمي بأنه هو من يحمي إسرائيل من القاعدة ويحارب لأجل بقاء إسرائيل؟!!
لقد خافوا على إسرائيل.... وأحزنهم مصير إسرائيل بعد رحيلهم
خافوا أن يحدث لها مكروه "لا قدر الله"  فهي إسرائيل الحبيبة.
ولا نستبعد بان يكتبوا على قمصانهم أو يحملوا شارات " كلنا إسرائيل" أو يضعوا ملصقا "أنا أحب إسرائيل".
سبحان الله , في لحظة الحقيقة تبدلت المراكز وسقطت الأقنعة . أصبحت إسرائيل هي الصديق الذي يجب أن يحافظ عليه. والشعب الذي يرزح تحت حكمهم لعقود , هم الأعداء .
الجيوش التي أعدوها لتحرير فلسطين  ولحماية الأوطان الشعوب , بأموال الشعب وبصبره على شظف العيش سنين طويلة وبسياسة شد الحزام . وجهت إلى عدوهم الحقيقي ... إلى صدور شعوبهم وأبناء جلدتهم .

لله أنت أيها العالم الافتراضي..... كم من حاكم فضحت ....وكم من شعار أسقطت
دمتم بخير
صالح بن عبدالله السليمان
مفكر وكاتب مسلم عربي سعودي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

; أتمنى لكم قراءة ممتعة مفيده
أرحب بكل أرآكم ومقترحاتكم يرجى ذكر الاسم أو الكنية للإجابة - ونأسف لحذف أي تعليق
لا علاقة له بموضوع المقال
لا يلتزم بالأخلاق ااو الذوق العام